شق في جدار...
كثيراً ما نحكم على قوة الأشياء والأشخاص بـالنظر لظاهرهم ونغترّ فيه بل و نعاديه أحياناً لو خُيل لنا أننا أقل منهم صلابة هذا دون النظر لـقوة داخلية أقوى بسنوات .
سنوات استطاعت أن تزيح جزيئات خرسانية بعضها عن بعض وحملت في قوتها تاريخاً لا نستطيع أن نتغافل عنه ولو حاولنا إعادة ترميمها بمادة مماثلة ولون مشابه لفشلنا فالشمس و القمر و المطر والرياح اشتركوا في تعتيقها .
هكذا البشر قسمات وجوههم التي صنعتها السنوات والخبرة هي قوة لا يستهان بها استطاعت الضغط على كل جزء ليقول ها أنا هنا بمحنة تركت للخبرة نقوشاً على وجههي ها أنا خطوت على أرض التجارب و تنزهت في حقول العِبرات..
ها أنا لوجهي عمق آخر تعدى سطحية البالغين ومحاولات الناضجين للإستقرار فقد استقرت الخبرة على ملامحي ورسمت عيناي طريقاً لـسنوات قد لم يصادفها من سبقوني وربما لم يكن محظوظاً بها من لحقوني ..
احتضنوا الشقوق ولا ترمموها واحتفظوا برونقها ..
التجارب المرة قبل الحلوة هي " الماء " الذي روى نبتة الخبرة وتركت شقاً عميقاً في ظاهرهِ ضعف و باطنه قوة .. تجاويفه رطبة قشورها كلسية صارعت الخوف من الغد .. تحدت الضغوط أزهرت أوراق خضراء عكست ظلها على شق جدار العمر فزادته بريقاً مختلفاً..
نضيع الكثير من الوقت والجهد في إستعادة الأشياء " كما كانت ".. ونضيع فرصة الحصول عليها " أفضل مما كانت ", لو استبدلنا هذا الجهد في الإعتراف بالواقع كما هو و هيئنا ظروفه لإمكانياتنا و عدلنا عن استنساخ الحاضر من الماضي ظناً أنه الأفضل.
نترك العلامات ونحبها ونهتم بتفاصيلها نبتسم في وجه الزمان إبتسامة رضا.
كلما مر العمر أحببنا الحياة أكثر و زاد عدم اكتراثنا بصغائرها.
يتقارب الشبه بين كبار السن ربما لأن ملامحهم تزداد خبرة وطيبة وتسليم وفوقهم المزيد من التسامح هذا كله يجعلنا ننظر لأعينهم فنجد دنياً أخرى غير تلك التي نعيشها تشعرنا بالأمان.
وإذا ازداد العمر ولم تستقر الملامح وسط تجاويف التجاعيد لتربت كل علامة ع التي تجاورها لـ تمنحك مالم يقدر اللسان على اخبارك إياه فـأنت حتماً أمام سنوات بلا معلم و عمر بلا إنسان .. تجاعيد جافة لم ترطبها لمسات التسامح... كـتربة جرداء خالية من طينة آدم ..
حينها ادعو له و انصرف باحثاً عن أجداد إنسانيتك في وجه آخر فـللإنسانية أجداد ....
Amal Elfeky