حتماً ستزهر ..
الصبر ع هذه الزهرة استمر نحو أكتر من عشرين عاماً حيث كان آخر ما أتذكره لأمي هو وردة بلدي من تربتنا المصرية الطينية الخصبة مجففة في خطاب ...
وذهبت أمي ولم تساعدني الأجواء الحارة ع ممارسة ما كانت تفعله ويوم تنفس هذا الوليد الجميل مغلق الأوراق شعرت و كأني عُدت من جديد لأحضانها ف هي أول وردة بلدي تطرح في أحواض زرعي ومعها ذهبت بسنوات قلبي و بكل ما يحمله بين حارات العمر و زهورها ع ضفتي الحياة و ابتسمت قليلاً في حارة الملل و الإعتياد ثم الأزمة وجفاف التربة وزهرة الصبر عليها.....
كل شئ مملل لأنه ع ما يرام .. فدخل في ترس الحياة وتعشق بترس أكبر منه هو ترس المسؤلية و الإلتزام وتدور التروس يومياً وكأنها تتسابق مع الوقت من أجل كل شئ..
ولو توقفنا قليلا لشكونا ع الفور من الملل والرتابة فأصبحت التروس تعمل دون مجهود أو عناء وبدلاً عن أن نديرها أصبحنا ندور بداخلها حتى متعة الشقاء فقدناها .. أو ربما متعة التجربة الأولى فالعادة عدو النعم...
نجتهد كثيراً في الدنيا من أجل الحصول ع الأهداف والمكافآت الربانية ع طيب العمل والإجتهاد فيه..
لو نظرنا قليلاً كم من المنح التي تكون من خلف المِحن و الصبر ع الشدائد ...
قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10].
الصابرون ع الأذى و الصابرون ع الضر و الصابرون ع المحن ..
قد تستيقظ يوماً مفعم بالنشاط و الحيوية متجهاً لشئ ما بكل ما أوتيت من قوة وإذا بكل الأمور تتعقد وتظل تتعجب من أمرك وتردد الله لم يوفقني في كذا.. وأيضا نردد جملاً مشابهة مثل
( أنا اصطبحت بوش مين النهاردة)
( حد باصصلي في الموضوع الفلاني ف ما تمش)
( هو أنا كل ما أجي أفرح الدنيا تقف ضدي ليه)
والكثير الكثير وكأن الأرض و السماوات اتفقن عليك وع اضطهادك والوقوف أمام أحلامك و مسيرتك..
و تظل تندب حظك و تصاب بخيبة أمل تجاه كل شئ.. وربما يتفاقم الأمر لتجد نفسك في دوامة من الإخفاقات التي صنعتها دون أن تشعر وتنسى ... تنسى التفكير فقط لدقائق في أمرك الذي حجبه الله عنك لتجد عظة إلهيّة عظيمة
خلف السحب سماء صافية انتظر حتى تنقشع لترى ما خبأه الله لك..
وتجد أيضا عظة بسيطة وفائدة ربما لا تلفت نظرك وهي أن المشكلات اليومية تصفي بعضها
لو نظرت لتلك المشكلات التي تمر بك كل يوم لتجد بها شئ جميل أتخيله دائماً ب عربة القطار التي تدفها العربة التي تليها هي كذلك المشكلات اليومية تتوالي بعضها ع البعض لتحرر تفكيرنا من الضغط والتركيز ع مشكلة بعينها
مشكلة اليوم تنأى بمشكلة الأمس بعيداً عن حاضرنا وتخفف كثيراً منها..
يختار الله الأقرب من عباده ويتذكره بمحنه ليسمع صوته ما أجمل حب الله لنا.. تلهينا الدنيا رغماً عنّا ولا ينسانا الله أبداً.. ليس حب ولا راحة ولا سعادة أكثر من لحظات في رحابه نرقى بأرواحنا إليه راجيين رضاه مطمئنين له...
فيذبل الزهر ليزهر آخر جديد وتذهب الآلام لتزهر الأيام أيضاً من جديد ........
فحتماً سيزهر الزهر بإذن الله.......