الجار مُجير...
شكلت العادات العربية والتسابق في إحيائها لوناً مميزاً في حياتنا وشكلاً يُزين تراثنا العربي والإسلامي بخاصة وتناقلناه فيما بيننا سواء بـ الزي التراثي لـ كل دولة أو بـالأطعمة المميزة التي ترتبط بـالمناسبات وكان الجار هو همزة الوصل فيما بين كل الشعوب .. بيده نقل العادات ومظاهر الإحتفال بها من أطعمة مختلفة في صحنٍ جميل دقت يده باب جاره به و علت وجهه إبتسامة تحمل دعوة للتواصل والرحمة...
أتذكر ما كنت أراه وأسمعه منذ كنا صغاراً وكم كان الجار هو الأهل بل وأحياناً الأقرب منهم وهذا مالم أجده في وطني فقط ولكن أيضا في سنوات الإغتراب فـعرفت الجار من كل بلد شقيق وعرفنا عادات بعضنا البعض المختلفة.. وكانوا دائماً هم الأقرب من الأهل فـحقاً
( الجار مُجير..) يشارك جاره الألم قبل الفرح.
وُضعت الجدران بين البيوت لـتؤكد على أهمية الحفاظ على حرمة الجار فقد وصى به رسولنا الكريم صلوات الله عليه وتسليماته..
كما أوصت كل الكتب السماوية عليه...
كيف اليوم تحول الجار من ( مجير الى جائر) ...!! أتحول بنا الزمان لهذا
يجور الأهل بعضهم على بعضٍ ويجور الجار على جاره و يجور الجحود على الود و الرحمة...
و إذا دخل بعضنا في حياة الآخر دخل مفسداً محبطاً ويمتد أثره للحدود الكبرى
البداية من باب موصد في وجه الحب والخير بيننا.. أصبحنا نتصيد الأخطاء في الحروف قبل الأفعال فلا ندع مجالاً سوى للحيرة و اليأس في الوصال..
نظر كل منا في صحن أخيه بدلاً من إطعامه صحناً من داره...
كفرنا بخريطة الرزق وتوزيعه وأصبحنا ننتظر المكسب و النجاح في كل شئ فـ جفت شجرة الرضا و أصبحت لا تطرح إلا صبراً...
عاند الزمان زمنه بعدما تقاسم الجار الصحن مع جاره
صار يخشى عينه في رزقه و في طعام أبنائه
كان الجار إذا افتقد جاره يوماً دق بابه ربما به مكروه لا سمح الله أو يحتاج مساعده أو حتى لمجرد أنه على غير عادته...
أصبح الباب يُغلق أمام الباب بـالشهور ولا يعلم الجار عن جاره .. بل ويفخر بقطيعته بحجة ( منعاً للمشاكل)
ولم المشاكل وكلاً منا لا يخرج منه إلا الطيب للآخر
لم المشاكل وكلا يحترم حدود الجدران ..
لم المشاكل ونحن ننظر لبعضنا البعض بعين الرحمة وتقدير الحال...
ليته يعود بقلبه و وده .. يعود بـ خوفه عليّ ..
يعود بـصحنه الذي دق به الباب لـيشاركني عيده...
يعود بكل جميل من عبق جدران الماضي التي تفوح بأثريتها و أصالتها...
وإن كان هناك جديد يكون في نضج العلاقة لمواكبة ضغوط الحياة..
فـــ ( لنرمم جميعاً زماناً جميلاً ونترك النقوش للطرق بيننا.....)
Amal Elfeky